قبسات من روائع البيان
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قبسات من روائع البيان
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
قبسات من روائع البيان
(وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)) انظر إلى هذه العناية الإلهية التي أحاطت بسيدنا يحيى عليه السلام. فهو محاط بالأمن والسلام الإلهي في مختلف مراحل حياته وبعد مماته ومكلوء بالرحمة في كل لحظة. ألا ترى كيف عبّر ربنا عن ذلك بيوم الولادة إلى يوم الوفاة وأتبعه بيوم حشره وبعثته ليكون ذلك عاماً له دونما استثناء.
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16)) إن السياق القرآني نكّر لفظ (مكاناً)، فلِم عاد ووصفه بالشرقي فقال (مَكَانًا شَرْقِيًّا)؟ في وصف المكان بالشرقي نكتة بديعة في تاريخ الشرائع. فهذا الوصف كان للتنبيه على أصل اتخاذ النصارى الشرق قِبلة لصلواتهم.
(قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23)) عندما تتلو هذه الاية أو تسمعها فكأنك ترى مريم عليها السلام مشحونة بمشاعر الخوف والأسى. وذلك بفضل قوة العرض والإيحاء. فمريم العذراء عليها السلام تحمل في بطنها جنيناً في موقف مهول مرعب. فتنزوي مفكِّرة بأي وجه ستقابل مجتمعها. فتعذبها الآلآم النفسية وتواجه الآلآم الجسدية آلآم الوضع وهي بِكرٌ وحيدة غريبة. فماذا تراها تنطق في مثل هذا الموقف المفزع؟ إنها تطلق عبارات تبلغ القمة في تصوير ما تحس به من شتى الأحاسيس. ولذلك لم تقف عند أمنية الموت (قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا) بل بالغت في أمنية الموت قائلة (وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا) وبذلك رصدت هذه العبارة حالتها النفسية المحطمة.
(يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ (28)) في هذه الآية يخاطب القوم مريم بنت عمران، فلِمَ عدلوا عن التصريح بإسمها إلى التعريض بـ (أخت هارون). خاطبها القوم بأخت هارون لأن هارون كان صالحاً وفي إضافتها إلى إسمه توبيخ لها. أي ما كان لأخت رجل مثله أن تفعل فعلتها.
(فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)) لِمَ هذا الاطناب في السؤال؟ هلاّ قالوا "كيف نكلم صبياً"؟ في زيادة الفعل (كان) مع (المهد) دلالة على تمكن ظرفية المهد من عيسى عليه السلام وذاك للمبالغة في الإنكار والتعجب الذي صدر منهم إزاء مقالتها. إذ يُعدّ هذا الطلب استخفافاً بهم. ولذلك أطالوا في صيغتهم فقالوا (من كان في المهد) للتأكيد على سبب استغرابهم.
(فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)) تأمل هذا الوعيد والتحذير لكل من أضاع الصلاة وفرّط بها واتّبع شهوته فهو عُرضةٌ للغيّ والخسارة. وقد عُبَّر عن هذا الجزاء بالمضارع (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ) ليدل على أن لقاءهم الغيّ متكرر في أزمنة المستقبل. وفي هذا مبالغة في وعيدهم وتحذيرهم من الإصرار على ذلك.
(جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ (61)) إن الجنة هي جزاء المؤمنين وهذا ما وعدنا به الله جزاءً لطاعتنا، فلِمَ وصف الجنة بقوله (الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ) وهذا معلوم لنا؟ وصف الجنة بقوله (الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ) لزيادة تشريفها وتحسينها. وأنت تفتخر بما وعدك به من هو فوقك لأنه وعدٌ ممن تحترمه وتجلّه، فكيف إذا كان الوعد من الله العليّ الكبير؟. فلا يخفى ما في هذا الوصف من التكريم والتشريف للموعودين.
(إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61)) المأتيّ هو الذي يأتيه الآخرون فكيف يأتي الناس إلى الوعد؟ استعير الإتيان لحصول المطلوب المترقَب فالإنسان يحصل على الشيء بعد أم يسعى لتحصيله. وكذلك وعد الله فهو أشبه بمكان يقصده الطائعون. وسوف يبلغونه ويحصلون على ما وُعِدوا به.
(تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا (63)) انظر إلى هذا الفضل الإلهي. فقد جعل الجنة لك رثاً فلم يقل مثلاً "تلك الجنة نهبها من عبادنا من كان تقياً". لأن الهبة فيها منّة بلا عمل ولا سبب. أما الإرث فهو في حقيقته انتقال مال القريب إلى قريبه بعد موته لأنه أولى الناس بماله. وفي جعل الجنة إرثاً لك يوحي بأن هذه الجنة قد ورثتها عن حق وسبب وهي ملك لك.
(رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)) لِمَ عبّر ربنا عن الصبر على العبادة بالاصطبار فقال (وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ) ولم يقل "واصبر على عبادته"؟ الاضطبار هو شدة الصبر على الأمر الشاقّ. وآثر البيان الإلهي وصف الصبر على العبادة بالاصطبار دون الصبر لأن العبادة مراتب كثيرة وكلها تحتاج إلى مجاهدة النفس وهذا يتطلب صبراً مبالغاً فيه حتى لا تضعف النفس وتتقاعس عن أداء ما أُمرت به. ولأن بعض العبادات قد تثقل على النفس فتغلبها الشهوة وتتراخى عن أدائها فناسب ذلك بالحضّ على الاصطبار.
قبسات من روائع البيان
(وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15)) انظر إلى هذه العناية الإلهية التي أحاطت بسيدنا يحيى عليه السلام. فهو محاط بالأمن والسلام الإلهي في مختلف مراحل حياته وبعد مماته ومكلوء بالرحمة في كل لحظة. ألا ترى كيف عبّر ربنا عن ذلك بيوم الولادة إلى يوم الوفاة وأتبعه بيوم حشره وبعثته ليكون ذلك عاماً له دونما استثناء.
(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا (16)) إن السياق القرآني نكّر لفظ (مكاناً)، فلِم عاد ووصفه بالشرقي فقال (مَكَانًا شَرْقِيًّا)؟ في وصف المكان بالشرقي نكتة بديعة في تاريخ الشرائع. فهذا الوصف كان للتنبيه على أصل اتخاذ النصارى الشرق قِبلة لصلواتهم.
(قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23)) عندما تتلو هذه الاية أو تسمعها فكأنك ترى مريم عليها السلام مشحونة بمشاعر الخوف والأسى. وذلك بفضل قوة العرض والإيحاء. فمريم العذراء عليها السلام تحمل في بطنها جنيناً في موقف مهول مرعب. فتنزوي مفكِّرة بأي وجه ستقابل مجتمعها. فتعذبها الآلآم النفسية وتواجه الآلآم الجسدية آلآم الوضع وهي بِكرٌ وحيدة غريبة. فماذا تراها تنطق في مثل هذا الموقف المفزع؟ إنها تطلق عبارات تبلغ القمة في تصوير ما تحس به من شتى الأحاسيس. ولذلك لم تقف عند أمنية الموت (قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا) بل بالغت في أمنية الموت قائلة (وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا) وبذلك رصدت هذه العبارة حالتها النفسية المحطمة.
(يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ (28)) في هذه الآية يخاطب القوم مريم بنت عمران، فلِمَ عدلوا عن التصريح بإسمها إلى التعريض بـ (أخت هارون). خاطبها القوم بأخت هارون لأن هارون كان صالحاً وفي إضافتها إلى إسمه توبيخ لها. أي ما كان لأخت رجل مثله أن تفعل فعلتها.
(فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29)) لِمَ هذا الاطناب في السؤال؟ هلاّ قالوا "كيف نكلم صبياً"؟ في زيادة الفعل (كان) مع (المهد) دلالة على تمكن ظرفية المهد من عيسى عليه السلام وذاك للمبالغة في الإنكار والتعجب الذي صدر منهم إزاء مقالتها. إذ يُعدّ هذا الطلب استخفافاً بهم. ولذلك أطالوا في صيغتهم فقالوا (من كان في المهد) للتأكيد على سبب استغرابهم.
(فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59)) تأمل هذا الوعيد والتحذير لكل من أضاع الصلاة وفرّط بها واتّبع شهوته فهو عُرضةٌ للغيّ والخسارة. وقد عُبَّر عن هذا الجزاء بالمضارع (فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ) ليدل على أن لقاءهم الغيّ متكرر في أزمنة المستقبل. وفي هذا مبالغة في وعيدهم وتحذيرهم من الإصرار على ذلك.
(جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ (61)) إن الجنة هي جزاء المؤمنين وهذا ما وعدنا به الله جزاءً لطاعتنا، فلِمَ وصف الجنة بقوله (الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ) وهذا معلوم لنا؟ وصف الجنة بقوله (الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ) لزيادة تشريفها وتحسينها. وأنت تفتخر بما وعدك به من هو فوقك لأنه وعدٌ ممن تحترمه وتجلّه، فكيف إذا كان الوعد من الله العليّ الكبير؟. فلا يخفى ما في هذا الوصف من التكريم والتشريف للموعودين.
(إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا (61)) المأتيّ هو الذي يأتيه الآخرون فكيف يأتي الناس إلى الوعد؟ استعير الإتيان لحصول المطلوب المترقَب فالإنسان يحصل على الشيء بعد أم يسعى لتحصيله. وكذلك وعد الله فهو أشبه بمكان يقصده الطائعون. وسوف يبلغونه ويحصلون على ما وُعِدوا به.
(تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا (63)) انظر إلى هذا الفضل الإلهي. فقد جعل الجنة لك رثاً فلم يقل مثلاً "تلك الجنة نهبها من عبادنا من كان تقياً". لأن الهبة فيها منّة بلا عمل ولا سبب. أما الإرث فهو في حقيقته انتقال مال القريب إلى قريبه بعد موته لأنه أولى الناس بماله. وفي جعل الجنة إرثاً لك يوحي بأن هذه الجنة قد ورثتها عن حق وسبب وهي ملك لك.
(رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)) لِمَ عبّر ربنا عن الصبر على العبادة بالاصطبار فقال (وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ) ولم يقل "واصبر على عبادته"؟ الاضطبار هو شدة الصبر على الأمر الشاقّ. وآثر البيان الإلهي وصف الصبر على العبادة بالاصطبار دون الصبر لأن العبادة مراتب كثيرة وكلها تحتاج إلى مجاهدة النفس وهذا يتطلب صبراً مبالغاً فيه حتى لا تضعف النفس وتتقاعس عن أداء ما أُمرت به. ولأن بعض العبادات قد تثقل على النفس فتغلبها الشهوة وتتراخى عن أدائها فناسب ذلك بالحضّ على الاصطبار.
"وفى انفسكم افلا تبصرون"- مشرف قسم القصص والشخصيات الإسلامية
- عدد المساهمات : 153
نقاط : 277
تاريخ التسجيل : 22/09/2009
الموقع : فى دنيا انتشر بها النفاق حتى بين الاصحاب
رد: قبسات من روائع البيان
جزاكم الله خيرا
اسأل الله لكم التوفيق والسداد
اسأل الله لكم التوفيق والسداد
"وفى انفسكم افلا تبصرون"- مشرف قسم القصص والشخصيات الإسلامية
- عدد المساهمات : 153
نقاط : 277
تاريخ التسجيل : 22/09/2009
الموقع : فى دنيا انتشر بها النفاق حتى بين الاصحاب
رد: قبسات من روائع البيان
تسلم ايدك
جزاك الله خيرا
جزاك الله خيرا
لاميس- مشرفة موسوعة طفل الروضة
- عدد المساهمات : 111
نقاط : 158
تاريخ التسجيل : 18/09/2009
العمر : 33
الموقع : المنصورة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى